قرية فضل


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

قرية فضل
قرية فضل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» كتاب قيم
الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3) Emptyالجمعة سبتمبر 26, 2014 1:45 am من طرف النور علي الرفاعي

»  قبيلة رفاعة الحلاوين
الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3) Emptyالأحد أغسطس 04, 2013 7:00 am من طرف الفاضل العبيد عمر

» رفاعة البشقراب في قرية فضل
الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3) Emptyالأحد أغسطس 04, 2013 6:13 am من طرف الفاضل العبيد عمر

» دور الجامعة في صناعة الأستاذ المبدع
الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3) Emptyالسبت أغسطس 03, 2013 7:30 pm من طرف الفاضل العبيد عمر

» الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (4)
الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3) Emptyالسبت أغسطس 03, 2013 9:33 am من طرف الفاضل العبيد عمر

» الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3)
الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3) Emptyالسبت أغسطس 03, 2013 9:29 am من طرف الفاضل العبيد عمر

» الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (2)
الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3) Emptyالسبت أغسطس 03, 2013 9:23 am من طرف الفاضل العبيد عمر

» الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية
الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3) Emptyالسبت أغسطس 03, 2013 9:18 am من طرف الفاضل العبيد عمر

» كيف نصنع أستاذاً جامعياً مبدعاً ؟ - البحث كاملاً
الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3) Emptyالسبت أغسطس 03, 2013 6:33 am من طرف الفاضل العبيد عمر


الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3)

اذهب الى الأسفل

الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3) Empty الزواج السوداني بين الاصول الاسلامية والتقاليد الاجتماعية (3)

مُساهمة من طرف الفاضل العبيد عمر السبت أغسطس 03, 2013 9:29 am

الزواج السوداني بين الأصول الإسلامية والتقاليد الإجتماعية (3)

إبروفسور الفاضل العبيد عمر

من استطاع منكم الباءة فليتزوج

     الكثير من الشباب في السودان عزف عن الزواج , وجاء عزوفه لأسباب مختلفة. إلا أن أهم الأسباب هي المبالغة في تكاليف الزواج ومقدماته, وأزمة المساكن وغلاء المعيشة , إضافة إلى حدوث حالات تفكك الأسرة وعدم سيطرة الأب عليها, والفوضى الأخلاقية الناتجة عن الاختلاط بين الجنسين. وقد ترتب عن ذلك الاختلاط عواقب جسيمة منها الأخلاقي والاجتماعي.والمقر الطبيعي للمرأة هو البيت, إلا أن خروجها للعمل يأتي في ظروف خاصة منها الضرورة الشخصية أو المصلحة العامة للوطن. بشرط أن توفق المرأة العاملة عند زواجها بين واجبات البيت من رعاية أطفال وزوج, وواجبات المهنة التي تكسب منها أجراً.

     وينبغي على العلماء ورجال الدين تذكير الأمة وتوجيهها إلى طريق الحق والسعادة والابتعاد عن المفاسد والآثام. وقيادة المجتمع نحو الفضيلة والعقيدة الصحيحة واجب ديني وأخلاقي. وكلنا يعلم أن الزواج ضرورة من ضرورات الحياة قد تنتج عنه فوائد كثيرة للفرد في دينه ودنياه, ويساعد على الارتباط بين الناس, ومنه تحصل المودة والتراحم, ويسكن الزوج إلى زوجته , والزوجة إلى زوجها. وبالزواج يكثر النسل الذي أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم به وحث على طلبه.ومن ناحية أخرى يساعد الزواج على غض البصر وإحصان الفرج والعفة. وحياة الشخص المتزوج أفضل من حياة الأعزب, لأن المتزوج ينعم بالطمأنينة وتتوفر له أسباب الراحة والسكون, وتزكو أمور دينه ودنياه. وعليه لابد لمن يستطيع الباءة أن يتزوج امتثالاً لأمر الله تعالى ورسوله, وإعفافاً لنفسه.

وهناك الكثير من الشباب العازف عن الزواج والهارب من المسئولية , وحتماً سيؤدي ذلك إلى مخاطر عظيمة عليه وعلى أمته. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". والباءة هي مؤونة الزواج وتكاليفه. ويمكن القول أن كثير من الشباب قد لا يستطيع الزواج بسبب غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج. وهذه مشكلة مزمنة أضرت بالمجتمع ونتج عنها ظلم كبير على الشبان والشابات. ومن الثابت أنه لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا من أحد من الصحابة أو التابعين أنهم تغالوا في المهور ولا أمروا بذلك. قال الرسول عليه الصلاة والسلام :" إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ". ويقول صلى الله عليه وسلم أيضاً :" إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة ". وقد زوج عليه الصلاة والسلام إمرأة على رجل فقير ليس عنده شيء من المال بما معه من القرآن. وتزوج عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ـ وكان رجلاً ثرياًـ إمرأة فقط على وزن نواة من ذهب .

     ونحن نعلم أنه ليس من الحكمة ولا من المصلحة الاجتماعية التغالي في المهور والإسراف في حفلات الزواج , ومطالبة الزوج بالأموال الباهظة التي يعجز عنها. وقد يكون ذلك سبباٌ في عدم إكمال الزواج, وتأيم الشبان والشابات . وليس من العقل جعل الزوجة سلعة تباع وتشترى مما يخل بالمروءة ويتعارض مع مكارم الأخلاق .

     وعلى الشاب الذي لا يستطيع الزواج أن يكثر من الصيام أيام الاثنين والخميس والأيام البيض, وأن يستعفف حتى يغنيه الله تعالى من فضله. ونطالب أولياء الأمور وندعوهم بشدة لتخفيف المهور, وتيسير سبل الزواج, ومراعاة الشباب الفقير ومواساتهم, وعدم الطمع والجشع, والاكتفاء بما تيسر.كل ذلك لكي يتحقق التكافل الاجتماعي, وتسود الأخوة والتعاون بين المسلمين الذين هم كالجسد الواحد, وكالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.

     وهناك بعض العلماء من يقترح ألا يسمح للطلاب بالدراسة في الجامعات والمعاهد العليا إلا بعد الزواج طاعة لله ورسوله وحفاظاً على غض البصر وحفظ الفرج وصيانة الأعراض والأنساب. والطالب الذي لا يستطيع الزواج على الدولة والمنظمات الخيرية والاجتماعية إعانته ومساعدته على دخول القفص الذهبي.

وقد حذر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج. وذكر أن الناس تمادوا في المغالاة والإسراف, وتنافسوا في البذخ وإنفاق الأموال الطائلة في حفلات ساهرة غالباً ما تقع فيها أمور محرمة كاختلاط الرجال بالنساء, والتصوير لغير المحارم, وارتفاع أصوات الفنانين والفنانات بمكبرات الصوت, واستخدام أجهزة اللهو , وصرف الأموال الكثيرة في مثل هذه المحرمات. ودفع ذلك الكثير من الشباب إلى الانصراف عن الزواج لعدم قدرتهم على مجاراة هذه العادات السيئة, وعدم استطاعتهم تحمل التكاليف الباهظة.وكان من الأفضل في الأعراس الاكتفاء للنساء فقط دون الرجال بضرب الدف ( الطار أو الرق) والغناء العادي بينهن دون مكبرات الصوت , إعلاناً للزواج كما جاء في السنة النبوية المباركة.

     ونظراً لأن الكثير من الناس يقعون في هذه المحرمات تقليداً للآخرين, وجهلاً بسنة سيد الأولين والآخرين, فإن الواجب عليهم الرجوع إلى دينهم والالتزام بأوامره ونواهيه. قال أبو سلمة بن عبد الرحمن :" سألت عائشة رضي الله عنها : كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشاً. قالت: أتدري ما النش؟ قلت : لا. قالت: نصف أوقية, فذلك خمسمائة درهم". ويعادل ذلك بالعملة السودانية فقط 35 ألف دينار . وعلى أهلنا في السودان الابتعاد عن الإسراف والتبذير الذي حذر منه الله سبحانه وتعالى حيث قال :" ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً".  وأخبر الله عز وجل أن من صفات المؤمنين الاعتدال في الإنفاق. قال تعالى:" والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً". ويجب ألا يكون الفقر سبباً في منع الزواج لأن الأرزاق بيده سبحانه , وهو يستطيع تغيير حال الزوج الفقير ليصبح غنياً. وإذا عمل أولياء الأمور والشباب بهذه النصائح العظيمة, فإن الله تعالى ينجز لهم ما وعدهم من التوفيق والغنى. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه:" أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى". وعلى أولياء الأمور أن يتقوا الله تعالى في بناتهم وأخواتهم وإخوانهم , وأن يسعوا إلى تحقيق البر في المجتمع وتيسير سبل الزواج والتكاثر, ودفع أسباب الفساد والرذيلة, وألا يجعلوا نعمة الله تعالى عليهم سبباً في عصيانه وعدم طاعته. وعلى الجميع أن يتذكر قول الله تبارك وتعالى:" فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون". فهم مسئولون ومحاسبون على كل تصرفاتهم يوم القيامة. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه, وعن شبابه فيما أبلاه , وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه, وعن علمه ماذا عمل به".

     وإذا كان لأولياء الأمور فضول من مال فالأجدر إنفاقها في مساعدة الفقراء والأيتام والدعوة إلى الله تعالى, وإقامة المساجد, بدلاً عن صرفها في الولائم الكبيرة ومباهاة الناس. ومن لم يتبع هذه السنة يكون كمن كفر بنعمة الله سبحانه ولم يشكرها, وسوف يلقى الله تعالى ويسأله عن كل ما عمل. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:" من سن في الإسلام سنة حسنة, فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجره شيئاً ".

     ويقول البروفسور محمد عثمان صالح مدير جامعة أم درمان الإسلامية إن متطلبات الحياة كثيرة, ولكن ينبغي ألا تكون سبباً في تأخير الزواج عند الشباب. وعلى الناس مراعاة هذه المتطلبات ومراجعتها والحد منها. وعلينا إتباع منهج التوكل على الله تعالى وعدم التردد في ذلك. لأن التمسك بالدين هو المخرج من هذه المشاكل. فقد يكون الذي له مال لا دين له ولا مسئولية. ويجب ألا يكون الفقر والغنى شرطاً يعطل عملية الزواج.

     وهناك من يتعلل بإكمال التعليم أو بعدم وجود الشخص المناسب أو بالعمل لتكوين نفسه ويعمد لتأخير الزواج والتلكؤ فيه. وتلجأ بعض الأسر أحياناً إلى تعقيد إجراءات الزواج, والاعتراض على زواج البنات من شخصيات أو قبائل معينة. كل هذه العوامل ساعدت على تأخير سن الزواج بدرجة كبيرة. والمجتمع السوداني يبيح للرجل أن يختار شريكة حياته , ولا يبيح للمرأة أن تختار شريك حياتها, بل يعيب عليها ذلك وتكون فضيحة إذا علم الأهل والمعارف بذلك. وهروب الشباب من الزواج قادهم إلى العلاقات غير المشروعة, ونتج عن ذلك مردود اجتماعي خطير وشائك. ونجد أن هذه المخاطر يمكن التغلب عليها أيضاً بمحاربة التبرج والاختلاط باعتباره متنفساً لعدم الزواج, والدعوة للعفة في المجتمع. وعلى الشباب أن يعلم أن التعليم لا يمنع المرأة من مواصلة تعليمها, حيث توجد الآن نساء يدرسن مع أبنائهن في الجامعات.

     ومن ناحية طبية نجد أن تأخير الزواج له مردود خطير على المرأة. وتكمن الخطورة في أن المرأة تنتج حوالي سبعمائة ألف بويضة خلال حياتها الإنجابية . وفي كل دورة شهرية تتكون لدى المرأة حوالي خمسون بويضة, وتنضج من هذا العدد بويضة واحدة أو اثنتين في حالة التوأم كل شهر. وفي حالة عدم الزواج تسقط هذه البويضات مع الدم في كل دورة شهرية. وهذا يعني أن للمرأة زمن إنجاب محدد, وعلمياً تكون البويضات الأولى في حياة المرأة أكثر نضجاً وتكويناً وخصوبة وفاعلية, على عكس البويضات التي تتكون مؤخراً في نهاية الفترة الإنجابية للمرأة. ولا نقصد أن يتم زواج المرأة في سن الثامنة عشر أو دونها, لأن لذلك مضاره ومشاكله الطبية والاجتماعية رغم استعداد الفتاة الفطري للزواج والإنجاب. وقد أكدت الدراسات الطبية أن الاضطرابات النفسية التي تحدث بعد الولادة تكون أكثر عند الزوجات صغيرات السن. وفي نفس الوقت نجد أن معدلات الولادة بعمليات قيصرية, والولادة المبكرة ( حمل سبعة أشهر ) تكثر عند الفتيات اللائي يتم زواجهن قبل سن الثامنة عشر. وعليه تكون أفضل سنوات الزواج والإنجاب هي ما بين عشرين إلى ثلاثين سنة. أما الفتيات اللائي يستخدمن موانع الحمل في سن المراهقة أو في السنوات الأولى من الزواج, فإنهن يتعرضن إلى إمكانية انتهاء الخصوبة والعقم, مما يضطر المرأة المتزوجة إلى اللجوء إلى الأطباء لإجراء عمليات التخصيب. وكلما تقدم عمر المرأة , كلما قلت فرص نجاح التخصيب, وزادت نسبة ولادة أطفال معاقين أو مشوهين.

     وتأخير الزواج عند الشبان أيضاً يعرضهم لمخاطر طبية عندما يلجأون للعلاقات المحرمة وغير الشرعية. فهناك يتعرض لأمراض جنسية وتناسلية كالإيدز والسيلان والزهري, إضافة إلى الأمراض الأخرى التي تضعف فاعلية الحيوانات المنوية وتؤدي إلى العقم عند الرجال.

تقاليد بالية وعادات دخيلة

 يبدأ اهتمام الأسرة السودانية بالفتاة بمجرد بلوغها الثالثة عشر من عمرها, حيث تقوم الأم بتدريبها على كيفية تصفيف شعرها في شكل ضفائر عديدة. ثم يتدرج ذلك إلى تعليمها كيفية الطهي وإعداد المائدة السودانية بما فيها من ( كسرة ) وعصيدة و(ملاح). وفي هذه الفترة الحرجة من عمر الفتاة يقل خروجها من المنزل بشكل عام, وتدرك تماماً أنها قد بلغت سن الزواج. وهذه دعوة غير معلنة للشبان حولها للتقدم للزواج منها.

     والزواج السوداني له عادات مختلفة بدأ بعضها في الاندثار في ظل التطور والمدنية التي زحفت على المجتمع. إلا أن بعضها لا يزال متوارثاً في الأقاليم والولايات, وعند بعض الأسر التقليدية في المدينة. وقد ساعد تماسك النسيج الاجتماعي السوداني على بقاء معظم هذه التقاليد لعصور بعيدة.

     ومن هذه التقاليد طلب يد الفتاة وخطبتها , فإن ذلك له طقوس وترتيبات وأصول. فقد يرسل الشاب والدته أو أخته أو أي إمرأة من أقاربه إلى أهل الأسرة التي لها بنت في سن الزواج. وتعود المرأة المرسلة لتصف إلى الشاب ملامحها وأوصافها ومستواها التعليمي والمادي والاجتماعي. فإذا اطمأن الشاب إليها, ووافقت أسرته على اختياره , فإن والد العريس يقوم بإبلاغ والد الفتاة المحظوظة أو ولي أمرها. وفي الغالب يطلب والد العروس مهلة أسبوع أو أكثر لإجراء المشاورات بين أفراد أسرته وأقاربه ومعارفه قبل أن تتم الموافقة النهائية.

     وقبل تحديد موعد الزفاف, تقوم أم العريس مع بناتها المتزوجات وأخواتها وقريباتها بزيارة لأسرة العروس لتؤكد طلب الزواج, ويأتي رد أم العروس بعبارات معهودة :" خير إنشاء الله. أعطيتك بنتي لتكون بنتاً لك وزوجة لابنك". وينشرح صدر أم العريس وتدفع لأم العروس مبلغاً من المال يسمى ( فتح الخشم ) تقديراً لأم العروس التي رحبت بأهل العريس وقالت لهم قولاً جميلاً وطيباً. بعد ذلك تبدأ الأسرتان الاستعداد لإكمال مراسيم الزواج . فتقوم أسرة العريس بتقديم  ( الشيلة) وهي عبارة عن المهر وهدايا أخرى من الملابس والذهب والعطور والمواد التموينية . وعند تقديم ( الشيلة) يتم تحديد موعد عقد القران. ومن هذه الساعة يتم حبس العروس في منزل والدتها لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر وتمنع من التعرض لضوء الشمس , ويبدأ برنامج الدخان بأعواد ( الطلح والشاف ) داخل

( الشملة), ومسح الجسم بزيت خاص. ويعتبر الدخان بالمسميات الحديثة حمام بخار تداوم عليه العروس صباحاً ومساءً. وعليها أيضاً دلك جسدها ( باللخوخة) وهي عبارة عن عجينة من الذرة والزيت تعطي جسد العروس نعومة وصفاء.

     وأثناء فترة حبس العروس تقوم والدتها وقريباتها بإعداد العطور السودانية المعتقة الخاصة بالزواج. وتسمى هذه العطور ( بالريحة اليابسة) كالصندل والمحلب والعنبر والضفرة والقرنفل والسرتية والمجموع والمسك. ويصنع من هذا الكشكول مركباً عطرياً قوي الرائحة يسمى ( الخمرة) .ويتم أيضاً إعداد ( الدلكة) من عجين الذرة والمسك والعطور المركزة لتدليك جسم العريس والعروس . إضافة إلى صناعة زيت ( الكركار) من عطور خام مغلية بزيت خاص لكي تمسح به العروس جسدها بعد الزواج. وقبل ثلاثة أيام من موعد الزفاف يتم تجهيز غرفة العروس , ووضع الحناء على يديها وقدميها وساقيها بواسطة إمرأة متخصصة في هذا العمل تسمى ( الحنانة). وتجهز غرفة العروس بطلائها باللون الأخضر في أشكال فريدة, ثم تفرش أرضية الغرفة بسجاد أحمر اللون.

     أما طقوس وضع الحناء فتبدأ بإعداد سرير من الخشب المخروط ويفرش عليه ( برش) أحمر اللون مصنوع من سعف النخيل لتجلس العروس عليه مرتدية الثوب السوداني الأصيل الأحمر اللون . ثم يوضع أمام العروس صينية خاصة مزينة بأشكال هندسية جميلة وبراقة, وفوق الصينية صحن خلطت فيه الحناء وحوله زجاجات الصندلية والمحلبية والسرتية, ومن ثم تبدأ (الحنانة) في نقش أشكال مزخرفة جميلة. وأثناء ذلك تشرع صديقات العروس في الغناء بأغاني شعبية خاصة بالمناسبة كالعديل والزين.

     ولا يقتصر وضع الحناء على العروس فقط , بل توضع كذلك للعريس قبل يومين من ليلة الزفاف على أنغام المطربين, وبين العديد من أصدقائه. وعلى العريس أثناء ذلك ارتداء الزي الشعبي السوداني كالجلابية والسروال الطويل أو  ( العراقي) والشبشب الأبيض. ويقوم أصدقاؤه خلال الحفل بتقديم الهدايا والدعم المالي للعريس , وهو ما يسمى (الكشف).وقد يفوق إجمالي هذا الكشف تكاليف الزواج وما أنفقه العريس في المراحل الأولى لزواجه.

     ثم يأتي يوم عقد القران الذي يكون في منزل أهل العروس حيث تذبح الذبائح, وتعد الموائد الكبيرة العامرة باللحوم والخضروات. ويتم عقد القران عادة في أقرب مسجد لبيت العروس , وقد يكون بعد صلاة العصر أو عقب صلاة الجمعة. وبعده تطلق الأعيرة النارية ويضرب (الكوراك) من قبل الرجال. أما النساء فيطلقن الزغاريد وتتوالى صرخات الأطفال وهم يلتقطون الحلوى والتمر التي يقذفها أهل العروس في الهواء فرحة بهذه المناسبة السعيدة. وفي المساء تبدأ مراسم ( السيرة) حيث يتجه العريس -  بين أهله وأصدقائه ومعارفه في زفة كبيرة , والجميع من حوله يزغرد ويغني ويبارك - إلى منزل العروس, حيث يقوم أهل العروس بالترحيب به وبأهله وضيوفه, ويتم إكرامهم وحسن ضيافتهم. ثم يقام حفل الزفاف بمشاركة بين أهل العريس وأهل العروس, وعقب هذا الحفل تبدأ مراسم (الجرتق) وقطع (الرحط) . حيث تقوم إمرأة تدعى (المزينة) بعملية نظافة كاملة لجسم العروس, وتلبسها ثوباً قصيراً جداً وبدون أكمام ومفتوح الصدر من قماش فضي لامع يسمى  ( السكر) لشدة بياضه ونعومته, وتتزين العروس بالقطع الذهبية من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها. ولابد لها أن ترتدي ( الرحط) وهو مجموعة من خيوط الحرير الحمراء اللامعة توضع في شكل حزام على الخاصرة . ثم تغطى العروس بثوب من القرمصيص الناعم له أشكال وألوان زاهية يسمى (الفركة). وقبل أن تخرج العروس من غرفتها تتعطر بجميع العطور السودانية التي صنعت خصيصاً لها. وبعد خروجها تجلس بجوار عريسها لتبدأ طقوس (الجرتق). ويبدأ ذلك بوضع ( الضريرة) وهي مسحوق من العطور الجافة على رأس كل منهما. ويتبادلان بعد ذلك ( بخ اللبن) على بعضهما تفاؤلاً من الأهل بأن تكون حياتهما الزوجية بيضاء نقية خالية من المشاكل. ثم تبدأ مراسم   ( رقصة العروس) وقطع (الرحط) بين غناء المغنيات وزغاريد النساء وهتاف الرجال ( أبشر .. أبشر ). ثم تقوم العروس بتغيير ملابسها والاستعداد لليلة

( الدخلة), وتخرج مع عريسها إلى منزل الزوجية في موكب كبير من الأهل. ومن ثم يتفرق الأهل والأحباب بعد وداع العروسين بدموع الفرح والدعوات الصالحات.

     وكانت هذه العادات والتقاليد المرتبطة بالزواج محكومة بقائمة طويلة من الأعراف والخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها. ولكن مع مرور الزمن هبت رياح التغيير الاجتماعي على السودان. فدخلت تباعاً أحدث موضات المكياج , وأحدث فساتين الخطوبة والزفاف , زيادة على طقوس الطرب والترفيه التي لم يألفها السودانيون في ليالي الأعراس من قبل.  ومن المعلوم أن السودان بلد ذو حدود طويلة تجاوره تسعة دول أفريقية وعربية ذات عادات عديدة ومتنوعة, وتأثر الشعب السوداني بهذه العادات الدخيلة . وكاد الزي البلدي أن يختفي تماماً بفعل التغير الاجتماعي . وظهرت محال متخصصة في رسم المكياج وبيع الفساتين الزفافية الخليعة , مما دفع شرطة أمن المجتمع بالسودان إلى شن حملة واسعة على هذه المحلات . وأسفرت هذه الحملات عن إبادة كميات كبيرة من صبغة الشعر والحجر وفساتين الزفاف الخليعة التي لا تتماشى مع عادات وتقاليد الشعب السوداني. وقد رحبت شرائح المجتمع التقليدية بهذه الحملات لأنها لا تزال تتمسك بالقديم , إلا أن حملات الشرطة واجهت استنكاراً شديداً من أصحاب هذه المحلات التي تدعمها مجموعة من النساء الحريصات على التغيير . وادعت بعض النساء اللائي يملكن بعض محلات الكوافير في الخرطوم أن حملة الشرطة تهدف إلى تحطيم شريحة مهمة في المجتمع, وأن ما تقدمه في محلاتها يجد تجاوباً وإقبالاً من بعض فئات المجتمع. ويعتقد آخرون أن الشرطة السودانية تحارب التقدم الذي طرأ على المجتمع السوداني فيما يخص مناسبات الزواج وتجميل النساء.

     وفي الحقيقة أن حملة شرطة أمن المجتمع لها ما يبررها. فكل الفساتين التي صودرت وأعدمت كانت فساتين خليعة لا تتماشى مع الشرع والدين, وأن القضاء عليها يعتبر واجباً دينياً لابد منه. أما علماء الاجتماع فيرون أن الأمر لا ينفصم عن كونه تغيرات كبرى جرت على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي خلال العشر سنوات الأخيرة .وينبغي الاعتراف بأن تيار الموضة غيّر ملامح المجتمع السوداني إلى حد كبير. والمجتمع السوداني معروف بمحافظته الشديدة, وتقيده بالعادات والتقاليد المتوارثة التي لم تؤثر فيها الأحداث السياسية الكبيرة التي جرت في البلاد. إلا أنه من الصعب على الشعب السوداني الذي حافظ على تقاليده النمطية لعقود طويلة أن يقاوم تيار الحداثة القوي الجارف.

 

الفاضل العبيد عمر

عدد المساهمات : 19
تاريخ التسجيل : 03/10/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى